الأربعاء، ٢٧ فبراير ٢٠٠٨

لماذا


لماذا تأخذ منا الدنيا دوما ما نحب لماذا تحرمنا ممن نحب .. لماذا اختار الله لنا العذاب ؟ لماذا يتركنا مسلوبي الإرادة أمام ما نريد ؟ لماذا يجعلنا تابعين وأسياد ؟ يجعل مصائرنا معلقة بأياد دامية تحمل على عاتقها مهمة سلبنا رغباتنا وحرماننا مما نرغب ونختار..! اصبحنا مرغمين على الطاعة دون أن نمتلك حق الامتعاض أو الاعتراض .. صرنا مجرد أجساد بلا أرواح تسير في غياهب عالم قاتم المعالم يحمل لنا كرها دفينا وإحساسا مهينا يود لو بصق علينا أجمعين لأننا لم نعد سوى مجموعة من الملاعين . اخترنا أن نكون عبيدا للآخرين وأن نصبح بهائما في ركاب المخيرين لأننا ببساطة شديدة لسنا إلا مسيرين ...
تستيقظ ذات يوم لتجد نفسك مكبلا برغبات ليست لك وباختيارات لم يطلقها عقلك أو يشعر بها قلبك .. قلبك الذي دفن تحت أقدام أشخاص امتلكوا حق الحصول على إرادتك .. فقد أصبحت في قبضتهم ولن يضيرهم أن تمل حياتك وتكره الآخرين لأن جل اهتمامهم أن يكونوا مالكين .. لكل نقطة دم تسري بداخلك في حركة روتينية يومية .. مالكين لحلم راودت به نفسك في ليلة غابرة لم تعد ملامحها واضحة ولا تتذكر منها سوى أنك أفقت على دفعة قدم في ظهرك المثقل بالأحزان تحثك على أن تكمل حلمك بعيدا عن تلك المنطقة لأنهم تقريبا قد امتلكوها ولم يعد أمامهم سوى أن يمنحهم الله الصك الأخير ليفرضوا سيطرتهم التامة عليها ونظل نحن كما خلقنا .. تابعين وخاضعين نرفض أن نتحدث بأصوات عالية كيلا لا تستمع لنا الشياطين فتنقل لسادتها فحوى أحاديثنا الجانبية ويؤلونها وفقا لأهوائهم بما يتناسب مع عدائهم الشديد لكل ماهو من طين .. فيهرع السادة سريعا ليلقنوك درسا لن تنساه .. ولا تستبعد أن يحكموا عليك بأن تظل حبيس كوابيسك السوداء طيلة عشرة أعوام .. أو ربما يختارون لك شريكا في مآواك يشاطرك ذل الاستعباد .. لكن الاستعباد لن يكون القاسم المشترك الوحيد بينكما لأنه سيشاطرك ذلك الحلم الصغير القديم . هل تتذكره ؟! سياخذ منك أجزاءً منه وربما لا يترك لك منه سوى ذلك الضوء الباهت في نهايته عندما تفتحت عيناك على رداء أبيض ترتديه محمولا فوق أكتاف غير متناسقة تهزك هزات عنيفة تقلبك ذات اليمين وذات اليسار قبل أن يضعوك في هوة عميقة ويذرون عليك ذرات تراب تغلق فمك بسرعة حتى لا يتلقاها فتصبح مضطرا لبصقها أمامهم فيعرفون أنك لا تزال حيا عندها سيعيدونك حيث كنت ..نفس العبودية ونفس السيطرة من الجميع.