الأربعاء، ٤ يونيو ٢٠٠٨

لماذا يتمنى العرب فوز باراك أوباما في الانتخابات الأمريكية ؟




قد يتوهم العالم العربي والشرق الأوسط أن نجاح باراك اوباما في انتخابات الولايات المتحدة الأمريكية سيمنح الدول العربية أفضلية البقاء تحت لواء الرئيس الأمريكي الجديد . دون أن تنتبه هذه المجتمعات الى ان السياسة الامريكية تبنى على خطط تتعدى الاطار الزمني للأوضاع في الشرق الأوسط فقد تكون الخطة القادمة لواضعي الخطوط العريضة للطريقة التي سيتعامل بها اوباما أو غيره مبنية على تهدئة الصراعات والأزمات بين فلسطين والاسرائيلين أو منح الفلسطينين بعض من حقوقهم المسلوبة وفتح المجال أمام عودة اللاجئين مرة اخرى الى ديارهم دون قيد او شرط وعندها سيكون الرئيس الامريكي المساهم الأول في هذه العملية وستنصب له ابواق الاعلام الإحتفالات وسيعلن الزعماء العرب عن حكمة اوباما الفذ الذي ساهم بشكل او بآخر في حل الأزمة.
على النقيض تماما في حالة ما اذا كان مرسوما لأوباما أن يماطل في حل مشكلة الشرق الأوسط أو أن يبقى الحال على ماهو عليه دون تدخل من الأمريكان أو حتى لو فرض لهم ان يتدخلوا في العملية وفي حل الأزمة لن تكون حلولهم جذرية وعندها سيكون اوباما كغيره ومن سبقوه في البيت الأبيض فجميع رؤساء أمريكا سواء كينيدي أو نيكسون او بيل كلينتون وحتى الرئيس الحالي جورج بوش مسيرين وفق برامج ممتدة لسنوات وسنوات ولن يستطيع أيا منهم أن يحيد عن هذه الخطط لا لشئ سوا ان منظومة الحكم في الولايات المتحدة تخضع لمؤسسات وكيانات لها مصالح متسعة في الشرق الأوسط ومن صالحها أن يظل الوضع كما هو عليه لذلك ستضغط على اوباما ليرضخ ويوافق على تنفيذ سياساتها وتوجهاتها في الشرق الأوسط .
الخيار المستبعد في الصراع على الرئاسة في امريكا هو ان يصر باراك اوباما الأسود من اصول افريقية ويقال انه ينتمي لأسرة مسلمة في كينيا وهي الذريعة التي يستغلها منافسوه لتشويه صورته أمام الراي العام الأمريكي مما دفع الديمقراطي اوباما الى انكار صلته بالاسلام وادعاء ان اسمه في اليهودية معناه باروخ وانه لم يكن يوما مسلما في محاولة لنفي ما يعتقده الأمريكيون تهمة الأن تتمثل في الانتماء للإسلام . وهذه التهمة هي نفسها السبب الرئيسي في تعاطف العرب والمسلمين مع المرشح الأسود عن الحزب الديمقراطي أمام منافسته هيلاري ومن ثم خوض انتخابات نهائية أمام ماكين الجمهوري المتطرف _ وللعلم فأفكار ماكين لا تختلف كثيرا عن سابقه جورج بوش الابن فالاثنان ينتميان لنفس الايدولوجية المتطرفة التي تسعى الى تحقيق مصالحها على حساب الأمن والسلام في الشرق الأوسط وهذه المصالح لا تتعدى المصالح التوسعية للوبي الصهيوني في امريكا ورغم قلة عددهم الا انهم يتداخلون في شتى مناحي الحياة بكافة مجالاتها مما يدعم موقفهم ويجعلهم القوة الكبر والمتحكمة في وضع السياسة المريكية على المدى البعيد .
يظهر من خلال الأوضاع المتدنية في الاقتصاد الأمريكي ان المسئولين هناك عازمون على المضي قدما نحو تهدئة الوضاع أملا في اصلاح اقتصادي في ظل اجواء هادئة فالجميع يعلم أن جر امريكا للحرب مرة اخرى سيقرب من نهايتها وسيدمر اقتصادها الهش حاليا نهائيا أمام نمو مطرد لليورو والطفرة التي تشهدها دول شرق اسيا كالصين واليابان..
فجميع الدول الأن متحفزة لرؤية النهاية الماساوية للولايات المتحدة كما حدث في الاتحاد السوفيتي مع الوضع في الاعتبار أن امريكا يدعمها ضعف الكيانات العربية وافتقاد اوروبا الحافز في اقصاء امريكا من الساحة نهائيا والتفرد بالاقتصاد العالمي دون مزاحمة الكيانات الاقتصادية الامريكية المطعمة باللوبي اليهودي لها .
قد يكون اوباما اوفر حظا من سابقيه بان الوضع في الولايات المتحدة بات يحتاج الى اعادة ترتيب الأوراق مرة اخرى والابتعادعن الدخول في صراعات جديدة في الشرق الأوسط ومحاولة حل الأمور المعلقة في فلسطين ولبنان وسوريا ومن غير المستبعد ايضا ان يفتح الرئيس الأمريكي القادم الباب أمام مفاوضات جادة مع ايران بعد تعاظم قوتها وسيطرتها في المنطقة حيث باتت ايران قوة اقليمية لا يستهان بها والوقوف امامها في هذه التوقيت يدفع بالامريكيين نحو الهاوية والبدء من جديد فهم لا يعلمون حجم قوة الايرانيين وما يخفونه في اطار التسلح النووي والدليل على ذلك أن المغرور بوش لم يستطع حتى الآن اتخاذ موقف جاد ضد ايران رغم تهديداته حتى انه فشل في ادانة النظام الايراني القائم فأصبح نجادي الشوكة التي تقف في حلق المغرور واعوانه ، وفي أوضاع كهذه سيكون الرئيس الجديد مطالبا بان يسترضي الايرانيين ومحاولة فتح قنوات للحوار معهم املا في أن يكون الوضع في الشرق الأوسط أكثر هدوءا وأمنا لمصلحة امريكا أولا .
التحدي الأكبر في مشوار اوباما في البيت الأبيض سيكون متعلقا بسحب القوات الأمريكية من العراق وهو المطلب الأساسي للعراقيين اولا ثم الأمريكيين انفسهم فالجميع يعلم حجم الخسائر التي تكبدها الجيش الأمريكي في الحرب القذرة على العراق ومدى التدهور الذي اًصاب الاقتصاد الامريكي في أعقاب هذه الحرب حتى وصل الدولار الى ادنى مستوياته امام اليورو لذلك كله يأمل الشعب الأمريكي في ان ينتشل الرئيس القادم ابنائهم من جحيم الحرب في الشرق الأوسط بعدما فقد كثيرون ذويهم في عمليات انتحارية .
اوباما المرشح الأقرب لقلوب العرب سيواجه تحديات وصعوبات عديدة قد ينجح في حل بعضها أو تهدئة الأوضاع في المنطقة لكنه سيظل مهددا بكيان صهيوني سيحاول بكل قوته اثنائه عن مخططاته السلمية والانصياع لهم في مخططاتهم التوسعية والاستغلالية واخشى ما اخشاه ان يكون الحل الأقرب لدى اللوبي المتشعب في امريكا هو اغتيال الرئيس الأسمر واقصائه من الحياة السياسية تماما اذا ما حاول الوقوف حائلا امام مخططاتهم وتوجهاتهم ليصبح الضحية الثانية لهم بعد جون كينيدي الذي اغتالوه لأنه كان ميالا لزرع السلام في الشرق الأوسط والتوسط لدى الأوساط المتنازعة لحل الأزمة.